"نيويورك تايمز": تفاقم الأزمة الاقتصادية في كينيا يهدد قدرة المواطنين على التحمل

"نيويورك تايمز": تفاقم الأزمة الاقتصادية في كينيا يهدد قدرة المواطنين على التحمل
ارتفاع معدلات الفقر في كينيا

تعدّ زيادة الضرائب على الرواتب جزءًا من جهود الحكومة الكينية في مواجهة الأزمة المالية التي تواجهها البلاد، حيث تهدف هذه الإجراءات إلى زيادة الإيرادات اللازمة لتسديد الديون الحكومية المتراكمة، وضمان استمرارية عمل الحكومة في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الأحد، تطول هذه الزيادة الرواتب عبر خصومات كبيرة تسهم في تمويل برامج مثل الصناديق الكينية الخاصة بالإسكان الميسور والتأمين الصحي، إضافة إلى رفع الضريبة على الدخل والمساهمات في صندوق الضمان الاجتماعي الوطني.

وأظهرت كشوف الرواتب التي يتقاضاها الموظفون في كينيا كيف انخفض صافي دخل العاملين بعد تطبيق هذه الضرائب الجديدة، على سبيل المثال، فقد انخفض دخل العاملين الذين يتقاضون 45 ألف شلن كيني شهريًا، وهو ما يعادل نحو 350 دولارًا أمريكيًا، بنسبة 9% ليصل إلى نحو 262 دولارًا أمريكيًا.

أوضح مؤسس جمعية كيبيرا في نيروبي، كينيدي أوديدي، أن العديد من أصحاب الرواتب باتوا يعانون قلة الموارد، مضيفًا: “يبكي أصحاب الرواتب”.

جهود الحكومة لتخفيف الديون

تسعى الحكومة إلى تعزيز الإيرادات عبر فرض ضرائب جديدة على عدة قطاعات، شملت هذه الضرائب رفع ضريبة القيمة المضافة على السكر والكحول والبلاستيك، كما تم مضاعفة ضريبة أرباح الشركات إلى 3%، إلى جانب زيادة الرسوم على تحويلات الأموال والخدمات الهاتفية والإنترنت بنسبة تراوح بين 15 و20%.

كما ارتفعت الضرائب على الواردات، مثل القمح وزيت الطهي، في خطوة تهدف إلى تمويل مشاريع السكك الحديد، ورغم هذه الجهود، تظل زيادات الضرائب غير شعبية في الأوساط العامة.

التحديات الاقتصادية الكبيرة

تواجه كينيا صعوبات اقتصادية كبيرة نتيجة سنوات من الاقتراض غير المنظم والإنفاق المفرط، فضلاً عن التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد-19، حيث دفعت هذه العوامل مجتمعة ديون كينيا إلى ما يقرب من 80 مليار دولار.

ومما يعقّد الوضع هو أن الحكومة تُخصص نحو 60% من إيراداتها لسداد قروضها، وهو ما يضع عبئًا كبيرًا على مقدرتها في توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.

الفقر والبطالة

تعدّ معدلات الفقر المرتفعة في كينيا من أبرز العقبات التي تواجه الحكومة في جمع الإيرادات، إذ يعيش 40% من السكان في فقر مدقع، في حين أن البطالة بين الشباب تتجاوز 25%.

وتشير التقديرات إلى أن 83% من القوى العاملة تعمل في وظائف بعيدة عن أنظار جباة الضرائب، مثل العاملين في مجالات بيع السلع بشكل غير رسمي، وبالتالي، يتحمل الموظفون في القطاع الرسمي العبء الأكبر من دفع الضرائب.

القوة الشرائية للمواطنين

أدت الأزمة الاقتصادية الحالية إلى انخفاض قيمة الشلن الكيني مقابل الدولار، ما أدى إلى زيادة حادة في أسعار السلع الأساسية، وقالت رئيسة شبكة "الأمل الساطع للمجتمعات" (SHOFCO) في نيروبي، إليزابيث أوكومو، إن قدرتهم الشرائية انخفضت بشكل كبير بسبب ارتفاع الضرائب، فقد كان بإمكانها شراء مجموعة من السلع الأساسية بما يعادل ألف شلن، ولكن الآن لا يكفي هذا المبلغ سوى لشراء بعض السلع مثل السكر والدقيق فقط.

تظاهرات شعبية واعتراضات واسعة

شهدت كينيا احتجاجات دامية في نيروبي العام الماضي على خلفية الزيادة المقترحة في الضرائب. أسفرت الاحتجاجات عن مقتل أكثر من 50 شخصًا، وأدت إلى تدمير جزء من البرلمان الكيني، ورغم أن الحكومة تراجعت عن تطبيق بعض هذه الضرائب، إلا أنها أعادت فرضها بعد فترة قصيرة، هذه الأحداث تعكس عمق الاستياء الشعبي تجاه السياسات الحكومية الحالية.

حلول صندوق النقد الدولي

تجري الحكومة محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة قروض جديدة، ومن المتوقع أن تطلب الجهات الدولية ضمانات إضافية بشأن تقليص الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات، إلا أن كثيرًا من المراقبين يشككون في قدرة الحكومة على تحقيق هذه الوعود، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

الفساد وسوء الإدارة

تسهم تقارير المدققة العامة للبلاد في كشف حالات الفساد وسوء الإدارة التي تضرّ بالاقتصاد الكيني، فقد أظهرت التقارير أن الحكومة لم تتمكن من حصر أكثر من 1.24 مليار دولار كانت مخصصة لسداد الديون، بالإضافة إلى ذلك، أُشير إلى فقدان لقاحات كوفيد-19 بقيمة 64 مليون دولار، لم تصل إلى المواطنين رغم التمويل الحكومي لها، في الوقت ذاته، يعرب المواطنون عن استيائهم من الإنفاق الباذخ للمسؤولين الحكوميين في ظل الأزمة المالية.

وتشير العديد من التقارير إلى أن الحكومة لا توفر خدمات عامة كافية لتبرير تحميل المواطنين هذه الأعباء الضريبية، على سبيل المثال، قالت تاتيانا جيشيرو، طالبة في جامعة ستراثمور بنيروبي، إن "الحكومة تقول إنها بحاجة إلى سداد ديونها، لكننا لا نرى أي تحسن في الخدمات العامة، ولا أستطيع الحصول على أي خدمات في المستشفى الحكومي".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية